اطلع بره ياقاشل
لم ينتبه له أحد لأن الاهتمام كان مركزا على العريس والعروس الذين كانا يتبادلان الخواتم بكل فرح.
نظر لها طويلا وهو الآن يراها بطريقة جديدة ومختلفة كأنه يراها على حقيقتها التى تغافل عنها من قبل، أنها لم تحبه كما أحبها أبدا.
فجأة انتبهت له آية واحمر وجهها بقوة ونظرت پذعر للشاب الذي بجانبها ثم له.
أبتسم بمرارة وسخرية قبل أن يستدير ويغادر بهدوء كما جاء.
وصل أمام النيل وجلس على مقعد، تجمعت الدموع في عينيه ولكنه حاول حپسها بالقوة، لقد خُذل من جميع من حوله، والده، والدته، إخوته ثم حبيبته!
لقد تخلي الجميع عنه في أكثر وقت أحتاج إليهم بجانبه.
بدأ رذاذ خفيف من المطر يهطل ثم أصبح المطر يهطل بغزارة ولكن حازم لم يأبه بل ظل جالسا مكانه والمطر ينهمر عليه بشدة وهو ضائع في أفكاره.
بعد وقت طويل نهض مجددا وهو يبحث عن مواصلة تعيده لبيت عمر، عمر صديقه الوفي!
لا يعرف ايغضب منه أم يشكره لأنه لم يخبره، شعر بتشوش أفكاره فأخبر نفسه بأنه سيفكر فى الغد.
وصل بصعوبة إلي المنزل وهو يصعد خطوات السلم بتثاقل، وضع يده علي جبينه ليجده ساخن للغاية، تحامل على نفسه وأكمل الصعود حتى وصل لشقة أهل عمر ثم سقط على السلم ورأسه يستند على آخر درجة تؤدي إلي باب الشقة.
كانت عيناه غائمة وحلقه يؤلمه للغاية، شعر بإعي.اء وأنه موشك على فقد الوعي، أغمض عينيه قليلا ليسترجع قليلا من قوته.
"أنت كويس؟"
سمع صوت منخفضا ينطق بهذه الجملة ففتح عينيه، كان أمامه وجه الفتاة التي كاد أن يص.طدم بها من قبل، كانت تنظر له مع عيون مليئة بالقلق.
فتح فمه ليرد عليها إلا أن صوته لم يسعفه وكان وجهها المضطرب هو آخر شيئا يراه قبل أن يفقد الوعي.
رواية اختيار حازم الفصل الخامس
بدأ حازم يفتح عيونه ببطء ورأسه يؤلمه بشدة، نظر حوله بإرهاق شديد ليجد عمر ينظر له بقلق ثم لمحت عيناه الفتاة التي رآها قبل أن يفقد وعيه تقترب منه وفي يدها إبرة، حقنتها في ذراعه ثم بهدوء وضعتها في القمامة.
قالت بصوت هادئ وهى تنظر لعمر: هاجي على ميعاد الحقنة التانية، أبقى نادي عليا يا عمر، عايز مني حاجة تانية ؟
نظر لها بإمتنان: لا شكرا لكِ يا ملك، معلش تعبتك.
أومأت برأسها بالنفي وقالت بنفس الصوت الهادئ: مفيش تعب ولا حاجة.
كان حازم يراقب الحوار الدائر بتركيز قليل حتى غادرت ملك بهدوء كما وجودها.
عاد عمر ينظر لحازم بقلق شديد: عامل إيه يا حازم؟ حاسس بأيه دلوقتي؟
قال حازم بصوت مبحوح: الحمدلله بخير، حصل إيه؟
تنهد عمر: أنا كنت قاعد لقيت ملك بنت عمي بتخبط الباب جامد، طلعت لقيتك واقع على السلم قدام باب الشقة، شيلتك أنا وأسامة أخويا وطلبنا الدكتور، قال عندك نزلة شديدة والحمد لله لحقك قبل ما يبقى عندك إلتهاب رئوي لأنه فضلت تحت المطر لمدة طويلة، كتب لك علاج وحقن.
نظر له حازم بحذر: البنت اللي لقيتني بنت عمك؟
طب ليه هى اللي كانت بتديني الحقن؟
أبتسم عمر: ملك ممرضة هى بتفهم في الحاجات دي وهى الوحيدة اللي موجودة طول الوقت علشان تديك الحقن في ميعادها.
تنحنح حازم بإحراج: مش عايز اتعبها ولا اتعبكم معايا.
نظر له عمر بلوم: ده كلام يا حازم؟ وبعدين أنت كنت فين؟
نظر حازم إلي الأرض بشرود: روحت من غير ما أحس لبيت آية والنهاردة كان يوم خطوبتها على واحد تاني.
صمت عمر وشحب وجهه ولم يدر ماذا يقول.
نظر له حازم وهو يبتسم بسخرية مريرة: ساكت ليه؟
مش عارف تقول إيه ؟ ولا خاېف عليا؟ متخافش أنا هبقى كويس أنا خلاص فوقت وعرفت قيمة كل اللي حاليا.
قال عمر بتردد وڼدم: حازم ...
قاطعه حازم بحدة: متقولش حاجة أنا خلاص مبقاش فارق معايا حد، كلهم اتخلوا عني وقت ما احتاجت ليهم.
كان عمر على وشك النهوض وهو حزين لما يسمعه حين أمسك حازم بيده بقوة: إلا أنت يا عمر أنت الوحيد اللي متخليتش عني وسيبتني، أنت أخويا بجد.
نظر له عمر وأبتسم بمحبة أخوية: سامحتني لأني خبيت عليك؟
أبتسم له حازم بتعب: أنت عملت اللي أنت فكرته في مصلحتي وأنا مقدرش الومك على ده لأنه ساعتها مكنتش عارفة رد فعلي ممكن يبقى إيه.
تنفس عمر بإرتياح شديد ثم أقبلت والدة عمر بالطعام وأصرت على حازم أن يتناوله حتى أنها أطعمته بنفسها رغم اعتراضه الشديد وحين انتهى، تركوه ليتمدد وينام.
قبل أن يذهب في نوم عميق تذكر قريبة عمر، لقد ظن بأنه تخيل من شدة الهلوسة والتعب الذي كان يعانيه، أنها فتاة طيبة حقا لأنها قبلت الاعتناء بأدويته رغم أنها لا تعرفه.