ظنها دميه بين اصابعه بقلم سهام صادق
المحتويات
حتى ينظر إلى ملامح وجهها الذي غطاه القليل من الرماد المتطاير.
_ أنت كويسه فيك حاجه... حصلك حاجه.
مسح على خديها وهو يتمتم بعبارات متقطعة وقد تجلى الخۏف الذي سيطر عليه منذ أن علم بحريق المصنع فوق ملامحه.
اشفقت ليلى على حال عمها فهو لا يستطيع إلتقاط أنفاسه.
_ عمو أنا كويسه... مفيش حاجه.
عادت عيناه تفيض بالدمع وهو يتأمل كل إنش بها.
تساءل عزيز وعيناه تتجولان على ملامحها وقد ازدادت رعشة يديه التي أحاطت وجهها.
أسرعت ليلى بإلتقاط يديه تحتويهما داخل كفيها الصغيرين وعلى محياها ارتسمت ابتسامة خفيفة.
_ صدقني يا عمو أنا كويسه... المبنى بتاعنا كان بعيد عن مصدر الحريق.
_ الحمدلله الحمدلله... أنا أول ما عزيز بيه قالي الخبر جيت جري معاه.
ارتفعت دقات قلب ليلى عندما علمت بوجوده وأخذت عيناها تدور بالمكان.
في نفس اللحظة التي كانت عيني ليلى تبحث عنه... كان مثلها يبحث عن شئ ضائع منه لا يعترف به قلبه الذي شاخ من الوحدة.
انتبه على أسئلة أحد أفراد الشرطة وقد عاد بتركيزه معهم.
_ عزيز بيه هناك أهو... الله يعينه على مصيبته... هروح يا بنتي أقف معاه.
نظر عزيز لها ولصديقتها التي استردت أنفاسها أخيرا.
شعر عزيز بالتردد لتركها لكن ليلى أسرعت قائلة.
_ متخافش عليا أنا كويسه.
ابتعد عزيز العم متجها نحو سيده الذي وقف يدلك جبينه وعيناه
مسلطه على بوابة المصنع وقد خرج أخر عامل بسلام.
لم يكن يهمه الخسائر التي تكبدها بقدر سلامة كل عامل لديه.
نظر عزيز نحو ضابط الشرطه ثم تحرك من أمامه قائلا.
_ اعذرني يا حضرت الظابط.. دلوقتي العمال عندي أهم.
_ ليلى تفتكري هيقللوا عددنا بعد اللي حصل في المصنع.
قالتها سلوى وقد عادت الډماء لوجهها واستطاعت تجاوز مشهد النيران التي كانت قريبة منها والتي اندلعت بعدما دوى صوت انفجار شئ بداخل مصنع الإنتاج.
_ ليلى أنت سمعاني.
أغمضت ليلى جفنيها لثواني ثم فتحتهما واستدارت بجسدها نحو سلوى التي أردفت بعدما انتهت من سعالها.
_ خلينا نمشي وجودنا مبقاش ليه داعي.
وسرعان ما أدركت سلوى ما غفلت عنه وواصلت كلامها.
انتبه عزيز على صوت عزيز سائقه بعدما صار على مقربة منه.
استدار عزيز جهته وقد ضاقت عيناه في حيرة وقلق وهو لا يرى ليلى معه.
_ بنت أخوك كويسه يا عزيز اطمنت عليها.
حرص باختيار الكلمات بعناية عند سؤاله وقد خشي أن تفضحه نبرة صوته القلقة.
_ الحمدلله يا عزيز بيه... اهي هناك واقفه مع زميلتها... أنا قولت أجي اطمن عليك وأشوفك لو محتاج مني حاجة.
تحركت عينين عزيز بلهفة نحو الجهة التي أشار ناحيتها عزيز سائقه.
زفرة ارتياح خرجت منه دون أن يدرك وحتى يخفي هذا الشعور الذي تجلى بوضوح على ملامحه...وضع يده على كتف عزيز سائقه وربت عليه قائلا بنبرة رجولية خشنه.
_ روح ليها يا عزيز وشوفها لو محتاجه دكتور..
اتجهت أنظار عزيز العم نحوها في قلق لم يغادر عيناه.
_ طيب وأنت يا بيه... هسيبك لوحدك.
_ متقلقش عليا...بنت أخوك محتاجاك أكتر مني.
ولم يكن أمام عزيز العم إلا الرضوخ إلى ما يحثه عليه سيده وقد أتى مدراء المعارض التي يمتلكها عزيز والتجار الذين يتعامل معهم ليساندوه في مصابه.
...
تلقفتها ذراعي عايدة فور أن دلفت من باب المنزل وقد نهش القلق قلبها منذ أن علمت بالحريق.
_ الحمدلله إنك كويسه... متعرفيش كنت عامله إزاي من ساعة ما سمعت الخبر.
ابتعدت ليلى عنها حتى تطمئنها أنها بخير ولكن شهد وقفت بينهم واحتضنتها.
_ كده يا لولو تخضينا عليكي.
_ والله أنا كويسه... مفيش حاجه.
قالتها وهي تربت على ظهر شهد التي رفعت عيناها إليها وتساءلت.
_ هو فعلا فيه عمال ماتوا وإصابات كتير زي ما شوفت على النت.
كادت أن تتحدث لكن دلوف العم سعيد إلى المنزل وصياحه بحنق من الأقوال الكاذبة التي تشوه سمعة سيده جعلهم ينفجرون من شدة الضحك.
_ هو من امتى الخرفان بتاعكم دا بيقول حاجة صح.
التقط ذراع شهد ودفعها نحو والدها الذي ضمھا إليه ثم واصل
كلامه وتساءل بإهتمام.
_ أنت كويسة يا بنتي... مال وشك أصفر كده... لا أنا لازم اعملك شوية مية بسكر.
لم ينتظر العم سعيد أن يسمع شئ وأسرع نحو المطبخ لينفذ ما قاله.
عناية وإهتمام حظت بهما هذه الليلة.
لكن هو هل سيجد أحدا يرعاه حين عودته !!.
هذا ما كانت تتساءل به ليلى داخلها كلما وجدت العم سعيد يتجه من منزلهم الصغير إلى منزله الصخم.
في الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل
اتجهت زوجة عمها إلى غرفتها لتنام بعدما اشتد النعاس عليها ومثلها فعلت شهد حتى تستطيع الإستيقاظ باكرا ومراجعة أحد دروسها قبل الذهاب إلى المدرسة.
لم يبقى سوى
متابعة القراءة