قطة في عرين الاسد

موقع أيام نيوز


سهلة معايا
لم تستطع التحمل ولا التظاهر بالتماسك أكثر فأجهشت فى البكاء وتعالت شهقاتها قائله 
بس انت عارف انك أول راجل فى حياتى
قال بنبره منخفضه 
بردة مستحيل أثق فيكي
مرت فترة لا يسمع فيها الا صوت شهقاتها الى أن قالت بحزم 
دى مش غلطتك لوحدك ..

دى غلطتى أنا كمان .. زى ما انت قولت أنا كنت سهله أوى .. من قبل حتى الورقة اللى كتبناها .. وكان لازم دى تكون نهايتي .. أنا خلاص معدتش هطلب منك حاجه .. أنا هطلب من اللى أكبر منك ومن اللى أقوى منك .. آسفة طلبت الرقم غلط

قالت ذلك ثم أنهت المكالمة .. أغلق سامر هاتفه وهو يحاول أن يخمن معنى كلماتها
جلس مراد فى مكتبه يمسك أحد الكتب بيده لكن عيناه زائغة فى فراغ الغرفة .. أذهله هذا الشعور بالحنين الذى شعر به منذ أن رحلت عن البيت .. طوال الإسبوع وهو يشعر وكأنه فقد جزء من روحه .. جزء من نفسه .. حاول كثيرا أن يعود مراد القاسى متحجر القلب كما كان لكن هيهات .. القلب الذى دق من جديد لم تكفى قوته لإخماده واسكاته مرة أخرى .. أكثر ما كان يؤلمه هو رغبته فى الإطمئنان عليها .. لو علم فقط أنها بخير وسعيدة فى حياتها لربما ارتاح قلبه قليلا وخف عڈابه .. لكن عدم معرفته بحالها كاد أن يصيبه بالجنون .. أخذ يفكر فى آخر محادثة بينهما .. وفى كلماتها عن ماجد .. وعن الحب الكبير الذى جمعهما .. وعن ذكرياته التى تحملها له فى قلبها .. وعن كونه الدافئ لها بعدما فقدت كل عائلتها .. كان الدعامة التى ارتكذت عليها ومنعتها من الإنهيار .. كان يملء فراغ وحدتها القاتله .. أخذ يقارن بين ما فعله هو وما فعله أخوه .. هو تركها فريسة للوحدة .. طردها من بيته وأرغمها على البقاء فى عزلتها .. حرمها من صحبة أمه وأخواته وهو واثق تمام الثقة أنها أحبتهم حبا خالصا من قلبها .. تركها فى بيتها بمفردها وهو لا يعلم أتخاف من البقاء بمفردها أم انها اعتادت الوحدة .. اتخاف من النوم بمفردها ليلا .. أتسيطر عليها هواجس بإقتحام لص لمنزلها .. كيف تقضى طلباتها .. كيف تقضى أوقاتها .. رغما عنه شعر بالخۏف يجتاح كيانه .. خوف عليها ومنها .. أراد أن يهرع اليها ويعانقها ويدخلها سجن ذراعيه قسرا وألا يتركها أبدا .. لكنه تذكر كيف كانت تصر على طلب الطلاق .. كيف أوضحت له مدى عڈابها بإبتعادها عن ذكريات حبيبها الراحل .. كيف أنها مرغمة على هذه الزيجة وأنها تود الخلاص منها والعودة لبيتها .. اذن فهى سعيدة .. سعيدة بهذا الطلاق الذى أراحها من حمل أثقل كاهلها .. سعيدة لأنها تخلصت منه ومن كل ما يمت له بصله .. لكن لماذا لم يرى السعادة فى عينيها وهما ذاهبان للمأذون .. لماذا لم ير تلك السعادة بعد أن ألقى على مسامعها كلمة الطلاق .. لماذا لم يرى تلك السعادة على وجهها وملامحها وفى عينها وهو يودعها أمام باب بيتها .. إن كانت سعيدة حقا لماذا لم يبدو ذلك عليها !!
جلست مريم على أريكتها تشاهد التلفاز .. شعرت پألم فى بطنها فتذكرت بأنها لم تتناول شيئا منذ يومين .. قامت بتكاسل الى المطبخ وفتحت الثلاجة لتجدها فارغة .. تذكرت أن طعامها نفذ ونسيت أن تشترى ما تسد به جوعها .. ذهبت الى غرفتها وارتدت ملابسها بآليه وكأنها آله نفذ منها الوقود وتحتاج اليه فقط لتستمر فى العمل .. بلا أى شعور بالإستمتاع .. ولا بالحياة
أوقف مراد سيارته على بعد عدة أمتار من بيتها .. أوقف عمل المحرك ورفع رأسه لينظر الى شرفة بيتها المظلمه .. نظر الى الشباك المجاور للشرفة ليجد النور مضاءا .. اذن فهى فى البيت .. ترى ماذا تفعل الآن .. لا يعلم لماذا جاء هنا .. وماذا يفعل هنا .. وماذا يريد .. كل ما يعلمه هو أنه شعر أنه يجب أن يكون هنا .. حيث هى .. لا يراها لكنه يشعر أنه بالقرب منها .. وهذا الشعور يريح قليلا قلبه المكلوم .. لم يصدق عينيه وهو يراها تخرج من بوابة البيت .. ظن بأنها هلاوس بصرية من كثرة تفكيره بها .. لكن دقق النظر ليجدها هى .. مريم .. ترى أيتخيل أنها فقدت وزنها أم أنها ضعفت بالفعل .. كانت واجمة تنظر يمينا ويسارا لتعبر الطريق ونظرة حزن عميقه فى عينيها .. شعر وهو ينظر اليها بمدى شوقه لرؤيتها .. للحديث معها .. حتى ولو كان شجارا .. حتى ولو كان صړاخا .. افتقد صوتها افتقد عينيها افتقد ابتسامتها التى قلما رآها .. عبرت الطريق لتتوجه الى السوبر ماركت أمامه
 

تم نسخ الرابط