للقدر رأى اخر بقلم قسمة الشبينى
المحتويات
فين !!! انا اخواتك ...ماانفعش اخ يعنى
ابتسمت وهي تحرك رأسها مع حركة أنامله تنفع طبعا
اقترب منها وهو يهمس انفع ايه
تلاقت عينيها بعينيه وهى تقول تنفع احسن اخ فى الدنيا
ابتعد برأسه بشكل افزعها وهو يقول اخ ايه بس دلوقتي!!
عاد يقترب وهو يهمس انا دلوقتي...فى اللحظة دى انفع اخ بردو
ابتسمت وهي تمنحه اعتراف يعشق سماعه منها انا بحبك اوي يا كريم
رفع وجهها بكفه وهو ينظر لها بقلق مالك يا قلب ناصر
امسك المصحف من يدها ليضعه جانبا وهى تستند إلى ذراعيه كالعادة لتنهض متوجهة بصحبته نحو غرفتهما ..ساعدها في تبديل ملابسها لتستلقى بالفراش وهو يدثرها جيدا اتكأ على ركبته وتساءل بقلق لسه بردانة
اعتدلت ليصبح وجهها له وتعلقت بملابسه و ولم يطل الأمر فسرعان ما توقف جسدها عن الاتجاف وعادت الحرارة له
استيقظ كريم باكرا كالعادة وبعد أن تحمم وصلى بدأ يرتدى ملابسه بينما توجهت رانيا لتحضر له كوبا من العصير الطازج اعتادت على تقديمه له منذ تزوجا
كاد ينتهى لولا أن قاطعه رنين هاتفه فتأكد ان المتصل عمرو سيطلب منه مؤكدا أن يقدم عذرا عنه لأنه سيتأخر ساعة ف رزان ليست بخير ...وهى كذلك من بداية هذا الحمل لكن توقعه كان خاطئ تماما فالمتصل كان آخر شخص يتوقع اتصاله بهذا الوقت
ملامحه وهو لا يستوعب ما يخبره به ناصر بينما صوت بكاءه ېخنقه فيكاد يزهق روحه
دق قلبه بدوى يخيل إليه أنه يعلو عن صافرة قطار مزعج فى منتصف الليل
انتفض حين تحدثت إليه رانيا هى تقف خلفه منذ دقيقة وهو شارد الذهن كريم سرحان فى ايه
تنحنح ليجلى صوته وقد قرر أن ېكذب فقال طنط چيلان تعبانة شوية وبابا عاوزك تروحى تقعدى معاهم النهاردة
خفق قلبها وهى تقول ماما مالها كانت كويسة امبارح
تلعثم وهو يقول تقريبا خدت برد ....اجهزى علشان اوصلك قبل ما اروح المدرسة
دخلت مسرعة تتعجب من الباب المفتوح..لم يترك والديها الباب مفتوحا !! دلفت لغرفة والديها ويسير خلفها كريم بصمت لتجد امها مستلقية على الفراش ووالدها يجلس بجوارها يقرأ القرآن وهو يبكى بشدة فتقول بهلع فى ايه يا بابا ماما مالها
نظر ناصر ل كريم الذى قال اسف ماقدرتش اقولها
إلتفتت له وقالت تقولى ايه !!!
توجهت نحو الفراش وهى تقول ماما حبيبتي مالك
لكن كلمات ناصر شلت حركتها وهو يقول ودعيها من غير غلط ...احنا مؤمنين بالله والمۏت علينا حق
انقطعت أنفاسها ليقترب كريم منها بسرعة قائلا رانيا وحدى الله
لم تستجب له فهزها بقوة وهو يضغط على كلماته رانيا وحدى الله
تقطعت حروفها وهى تقول لا إله إلا الله
كانت أصابع ناصر الممسكة بالمصحف ترتعش لكنه قال لو متوضين اقعدو اقرأو ..لو تقدرو سمعوها صوتكم ولاد عمك راحو يجيبوا المغسلة ..وانا وانت هنغسلها
اسرع كريم يخلع حذاءه ويجلس يرتل القرآن بصوت رخيم
سرعان ما احضر هذا الفراش المعدنى المعد للغسل الشرعى ....ووضع بالغرفة تم تجهيز الماء الدافئ ثم استأذن ناصر من الجميع ليغادر حاولت زوجة أخيه الاعتراض لكن رده كان قاطعا لو سمحتى يا مرات اخويا چيلان مش هيغسلها غيرى انا وبنتى
انصرف الجميع بصمت ...هاتف كريم عمرو وأخبره وفى خلال دقائق تجمع الجميع وصلت ايضا سلمى لدعم رانيا فى محنتها
بينما بالغرفة
نظر لوجهها بعد انتهاءه ليتذكر المرة الأولى التي نظر فيها لهذا الوجه...تذكر دقات قلبه وقتها كم كانت حماسية مچنونة وتعجب أن نبضات قلبه الان تكاد تسمع بين جنباته ...كأن قلبه يرفض أن يفارقها ...يرفض أن ينبض بعدها
ورانيا تساعده فقط بسكب الماء دون أن تتوقف عن بكاءها الصامت ..واعاد هذه العملية عدة مرات
يمر الوقت بطيئا وهو يتذكر المرات العديدة التى استندت فيها على هذا الذراع ...ليتمسك بما لديه من قوة وهو يعلم أنها المرة الأخيرة التى تستند فيها لذراعه ياله من ألم يجتاح كيانه وهو يعلم أنها اللحظات الأخيرة التى ستفارقه بعدها للابد .لن يراها مرة أخرى!!!! حقا لن يفعل يحرك جسدها وقد فارقته روحها الطاهرة التى طالما بثت السعادة لحياته ...وستظل كذلك فإن تفارقت الأجساد فلن تتفارق الأرواح.
ثم شرع هو بأصابعه المرتجفة يضفر شعرها ثلاث ضفائر ..حاولت رانيا أن تساعده لكنه أوقفها بحركة من يده لتقف صامتة وتتركه ينهى خدمة حبيبته للمرة الأخيرة
لطالما ساعدها فى نزع وارتداء الملابس لكن لم يفكر يوما أنه سيضع عليها بيده اخر رداء لها من الدنيا .لم يتخيل أن يأتى يوم الفراق بهذه السرعة فينزعها من بين ذراعيه دون أن يرتوى منها
فهو رغم أعوام زواجهما التى قاربت على الاربعين لم يشعر أن قلبه اكتفى منها بل إن ظمأه منها يتجدد مع كل صباح وكأنه اول صباح لهما سويا.
وخزات من الألم تزداد شيئا فشيئا تعتصر قلبه وتخنق انفاسه بلا رحمة بينما هو صامد لا يحيد عينيه عن كفيه فيلتزم مزيد من الرفق كما يأمر الدين
ألقى نظرة أخيرة على وجهها ولم يتمكن أن يقاوم اخفض رأسه مقبلا جبينها مودعا قبلها. لآخر مرة ...اخر لمسة ..حتى يكتب الله له أن يلاقيها ليتضرع قلبه راجيا اللهم لا تطيل فراقنا
اقتربت رانيا تودع امها بقبلة ايضا ثم اغلق الكفن وربطه اعلى رأسها ليغيب محياها عن ناظريه ..دمعة حاړقة طفرت رغما عنه وقلبه ينتفض بين ضلوعه.
وضعت رانيا كفها فوق الكفن وقالت ماما لسه جسمها دافى
نظر لها ناصر وهو يتذكر ليلة أمس ..الليلة الأخيرة ...ليلة الفراق.. لقد شعرت بالبرودة لقد كانت ترتجف بشدة .. وهو الاهوج الذى لم يشعر أن هذه البرودة كانت وداعها للحياة
فهو حين شعر بالدفء يعود لجسدها شعر بالراحة بقلب جاحد ظنا أن معاناتها انتهت لكنها كانت قد أسلمت روحها ...وهو يضمها لصدره بقوة...لم يشعر بفراقها للحياة ...لم يشعر بما عانته...
علا تنفسه وهو يتذكر لحظة استيقاظه لصلاة الفجر ومحاولة ايقاظها ...كانت دافئة ومرنة ...لكن لم تستجب له ...مرات ومرات وعقله يرفض أن يستوعب تلك الحقيقة... إنها فارقته للابد ....للابد...ما اصعب تلك الكلمات حين تعجز عن التعبير عن كل ما نشعر به.
اقتربت رانيا من والدها بقلق تدلك صدره وهى تشعر به يعانى ليلتقط انفاسه ويبدو الأمر أسوأ وهى تتساءل بابا انت كويس
نظر لها پألم وقال ماټت في حضنى ما حستش بيها
وأجهش بالبكاء كطفل صغير تاهت منه والدته في شدة ازدحام
اقتربت تضم ابيها بينما بدأت تشعر بترنحه وبعد لحظة واحدة كان يسقط أرضا فاقدا للوعى
اتسعت عينا رانيا وهى تجثو بجواره ترجوه أن يبقى معها .....وكأن له حرية الاختيار فتقول بفزع بابا حبيبى فوق علشان خاطرى ...بابا رد عليا ما تعملش فيا كدة
لكن بلا فائدة فانتفضت واقفة تفتح الباب بفزع وهى تصرخ إلحقنى يا كريم
لېصرخ كريم وهو يرتجف فعليا دكتور بسرعة يا عمرو
هرول عمرو للخارج ليعود بعد قليل يصحبه طبيب الذى تجمدت خطواته الأولى بالغرفة لدى رؤية جثمان چيلان ثم توجه فورا إلى ناصر خرجت رانيا برفقة النساء حتى ينتهى الطبيب الذى توقيع الكشف والذى أعاده طواعية وكأنه يترفق بحالهم ويخشى إعلان الحقيقة ثم قال بأسف البقاء لله
نظرات فزعة أحاطت به بينما وضع كريم رأسه بين كفيه وهو يردد بصوت مسموع اقولها ايهاقولها ازاى ااااااه يااااارب رحمتك...
يال حبيبته المسكينة كانت ليلة أمس تشكو له الشعور بالوحدة فلا أشقاء لها فكيف حالها الآن وقد فقدت والديها ايضا وفقداتهما معا فى يوم واحد
هز الطبيب رأسه بأسف وهو يهم ليغادر ليقف كريم يصحبه للخارج لتتلقاه رانيا بلهفة بابا عنده ايه
نظر لها الطبيب بأسف بينما هى تتلفت ل كريم مرة وللطبيب المغادر مرة وتقول بهذيان كريم هو مابيردش ليهها..مابيردش ليه
تلقاها كريم بين ذراعيه واسرعت سلمى تربت عليها برفق وحدى الله يابنتى
كانت رزان ومريم تقفان بتأهب فأشار لهما كريم لتقتربا تساعدان امه على سحب رانيا من بين ذراعيه برفق وهن يتجهن بها لغرفتها وهى غير واعية لما يحدث فقدت كل اتصال بينها وبين الواقع بينما توجه كريم لمباشرة لاتمام مراسم الغسل الشرعى استعدادا لډفن الجثمانين معا
بينما علت الهمهمات بين نساء العائلة لقد أبى ناصر أن يفارقها حتى فى المۏت
هل عشقهما يصل لهذه الدرجة
حتى وهى مېتة يحقدن عليها فقد كانت اوفرهن حظا __ هكذا يظن الحاقدون__ يال النفوس البشرية المړيضة التى لا ترى إلا حياة غيرها لتترك لحقدها العنان.
فلم تنتبه ل رانيا من نساء أسرتها سوى عفاف بينما انشغل البقية بأحقادهن ونفوسهن المړيضة
وضعنها بالفراش برفق وهى تنظر لهن بنظرات زائغة وتردد فقط أسمى
والديها وكريم ...وتطلب منه تفقدهما كريم شوف ماما وبابا علشان انا تعبانة ...كريم روح بسرعة قولهم رانيا كويسة وهتيجى بعد شوية ....يا كريم بسرعة
بينما وضعت سلمى كفها على رأسها وهى تتمتم بآيات من القرآن وتحاول مريم ورزان تهدئتها بينما اصواتهما لا تصل لها مطلقا
دلفت عفاف تحمل كوبا من الليمون ليحاولن دفعها لارتشاف بضعة قطرات فتبتلع بعضا وتسقط بعضا
الثالث والعشرون
يقود كريم السيارة التى اشتراها مؤخرا بعد أن استلم الهدية التى أوصى عليها لحبيبته يعلو رنين الهاتف فيبتسم مرغما إنها هى ..دون أن يتفقد الهاتف يثق انها حبيبته . كاد يصل لذا لم يجب الهاتف وهو ينعطف ليتوقف أمام البناية
صعد متلهفا لرؤيتها وكأنه غاب عنها شهور ولم يغادرها هذا الصباح بينما تقف هى بمنتصف الردهة وتعقد ساعديها پغضب .اتجهت للاريكة لتجلس بكآبة واضحة لعدم إجابته اتصالها دقائق وكان يدخل مسرعا لتزول الكآبة عن ملامحها وتتحول لبسمة رائعة اسرع إليها بينما
متابعة القراءة