ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
إليها بقوة لينام مرة أخرى على ظهره وأمسكت فكه بيدها قائلة باستنكار وحزن
للدرجة دي مش طايقني.. مش قادر تبص في وشي!..
بكل برود وجمود عنده أخرج كلماته من فمه وهو ينظر إلى تلك العسلية التي تسحره قائلا بجفاء رافعا يده ليبعد يدها عنه
اطفي النور إحنا بقينا الصبح وأنا عايز ارتاح شوية
نطقت اسمه بضعف وقلة حيلة وكأنها الآن تكسر من بعده عنها وارادت التحدث
لم يجعلها تكمل بتلك الطريقة التي لو كانت استمرت أكثر لترك حزنه وغضبه وكل شيء على جانب وحده ثم أخذها هي بين أحضانه الدافئة يشعرها بكم الحب الذي يكنه إليها.. نظر إليها بجمود أكثر هاتفا بحدة
لو تحبي أنام بره مفيش مشكلة
أبتعدت للخلف وتركته يعود كما كان ينام على جانبه ورأسه به صداع يكاد أن يجعله يأتي نصفين من كثرة التفكير أغمض عينيه وهو لا يود أن يفكر بأي شيء آخر اليوم سيترك كل شيء لغدا ومن عند الله تأتي الحلول..
اليوم التالي
استفاق قبلها في الصباح نظر إليها مطولا يشاهد براءتها وجمالها
الرقيق الذي يسلب عقله منه كما الأمس هكذا ولكنه ضغط على نفسه وأبعد شيطان عقله عنه فلم يكن يريد التقرب منها أبدا ومع ذلك لا تهون عليه نظرة عينيها الحزينة وضعفها أمامه..
عندما استيقظت لم تجده جوارها ووجدت أن الساعة تخطت العاشرة صباحا فعلمت أنه الآن في الورشة استفاقت وبدلت ملابسها لأخرى مريحة بيتية وأيضا لأن هناك من معها في المنزل..
أقتربت منها فوجدتها نائمة وصوت أنفاسها مسموع تنهدت براحة ثم خرجت من الغرفة..
دلفت إلى المطبخ لتحضر طعام الإفطار لها عندما تستيقظ وكأنها على علم أنها ستستيقظ الآن..
جلست على الفراش بفزع وهي توزع نظرها بغرفة الأطفال الصغيرة للغاية بالنسبة إليها ثم تدريجيا بدأت تتذكر ما حدث في الأمس مع زوجها الحقېر الذي تريد الطلاق منه..
لم تأخذ منه الكثير ولكنها تتذكر ملامحه الذي فتنتها!.. تنهدت وهي تتذكر كم كان وسيم يناسبها..
وقفت على قدميها ثم ذهبت للخارج بهدوء وهي تفكر هل هذا منزله وهو من أحضرها إلى هنا..
كانت هدير عند باب الشقة تجمع الغبار الذي نظفته من الشقة بعد أن انتهت استدارت واقفة على
قدميها لتذهب إلى الداخل ولكنها صړخت بفزع وخوف عندما رأتها تقف أمامها هكذا..
نظرت إليها بقوة ثم تداركت الأمر وتقدمت منها قائلة بابتسامة وجدية
معلش اټخضيت أصلي متعودة إني لوحدي على طول
ابتسمت الأخرى بوجهها بهدوء فاستمعت إليها تكمل بود وهدوء
حمدالله على سلامتك... أنا هدير
تقدمت الأخرى منها أكثر وهي تقول بجدية ثم متسائلة باستغراب وهو توزع بصرها في المكان
الله يسلمك بس هو مين جابني هنا
جاد اللي جابك.. قال إنك تقريبا كنتي بتتخانقي مع حد وبعدين اغمى عليكي فجابك هنا
تسائلت مرة أخرى باستغراب
وعربيتي فين
أجابتها هدير قائلة
تحت مټخافيش
نظرت إلى جانبها فوجدت على الحائط صورة له! إنه نفس الشخص الذي أغلقت عينيها عليه وعلى جماله الأخاذ ورجولته الظاهرة أشارت إلى الصورة قائلة باستفهام وتساؤل
ده
أومات إليها هدير مع ابتسامة هادئة وهي تتقدم من المطبخ قائلة
أنا محضرة الفطار هوديه اوضه السفرة على ما تغسلي وشك
لم تلقي بالا على ما تقول بل سألتها بجدية شديدة في الحديث وشعرت هدير بشيء ما غريب بعد هذه النظرة
يبقى أخوكي..
وقفت هدير في منتصف الصالة ثم استدارت لها قائلة بتهكم ثم جدية واضحة بعد ريبتها من سؤال هذه المرأة
أخويا!.. جاد يبقى جوزي
ذهبت الابتسامة التي ودت تصنعها وبقيت الجدية المطلقة على ملامحها واستشعرت هدير انزعاجها بعد الاستماع إلى حقيقة العلاقة بينهم..
حمحمت بجدية بعد أن رأت نظرات زوجته إليها بريبة هكذا وشك ظاهر عليها فقالت وهي تتهرب منها
أنا مش هينفع أفطر معلش.. جوزي زمانه قلقان عليا لازم أمشي بس محتاجه أدخل الحمام وأعرف جوزك فين علشان أشكره وكمان أخد عربيتي
أشارت لها هدير بيدها على طريق الحمام وقالت بجمود
الحمام من هنا... جاد تحت في الورشة اللي تحت البيت والعربية تحت بردو
أومات إليها الأخرى ثم تقدمت من المرحاض وهي تنظر إلى الأرضية بعد شعورها بأن الأخرى فهمت أنها تتساءل عن زوجها مرة واثنان وكأنها شعرت أن هذه المرأة ليست صافية وتريد فعل شيء من الآن..
قلبها شعر بهذا ولم ترتاح إليها بالمرة بل بغضتها وحمدت الله أنها ستذهب..
انتهت كامليا وهبطت إلى الأسفل تخرج من المنزل لرؤية الوسيم الذي خطڤ عينيها وأخذها من مكانها سوى برؤيته هو أو رؤية صورة الجميلة..
سارت بنفور أمام الجميع وهي تنظر إلى الحارة الشعبية التي يسكن بها وزعت نظرها على
كل ركن بها حوائط وأرضية ومنازل..
متحدثة داخلها بأنه كيف يعيش هنا!.. أنه بجسده ومظهره الرياضي الوسيم يستطيع أن يكون مالك من ملوك السينما لو أراد تفعل له وتجعله من أفضل الرجال بها..
كرمشت وجهها بنفور واضح وهي تسير بخطوات غير ثابتة بسبب كعب حذائها العالي على الأرضية الغير مستوية نظرت إلى البعيد قليلا لتجد سيارتها مصفوفة أمام منزل آخر في مكان أوسع من هنا..
وقفت أمام الورشة تنظر إلى الداخل وهي تميل بجسدها منتظرة أن تقع عينيها عليه ولكنه تقريبا ليس هنا تقدمت إلى الداخل أكثر فتقدم منها طارق قائلا بجدية وهو ينظر إلى هيئتها الغريبة عن الحارة
نعم حضرتك عايزة مين
أردفت مجيبة إياه بجدية وهي تنظر إليه بتقزز بسبب ملابسه المتسخه من العمل في الزيوت وقطع غيار السيارات وغيرها
عايزة جاد
نظر إليها باستغراب وأردف بسخرية يلوي شفتيه
جاد مرة واحدة!.. مفيش الاسطى حتى
أحتدت نظرتها عليه وهي تراه يسخر من كلمتها ثم وجدته يردف بجدية
الاسطى جاد راح مشوار وجاي مسافة السكة لو محتاجه ضروري تقدري تستنيه
نظرت إلى الورشة وما بها لقد كان بها سيارة يعمل عليها شاب آخر وبكل ركن شيء لا تعرف ما هو وقطع حديد كثيرة ولكنها مع ذلك تبدو نظيفة
استناه فين.
أشار إلى الخارج بيده وهو يتقدم منها قائلا
اتفضلي على الكرسي هنا زمانه جاي
خرجت خلفه ثم جلست على المقعد أمام الورشة نظرت على جانبيها وكم كان المكان بالنسبة إليها رديء للغاية أصوات عالية من الجميع غير هذا الذي يهتف ببيع الطماطم والبذنجان وهناك آخر يسير بعربية آيس كريم والأطفال تركض خلفه وعلى الطرف الآخر مقهى شعبي ولكنه لا يسر العين أبدا.. غير هذا المنزل المقابل لهم يا له من قديم ورديء..
كيف يعيشون هنا ويتحملون كل هذه الضجة من الأساس كيف يتحمل هو!.. وهذه زوجته من أين وجدها!.. أنه أفضل منها بكثير بمظهره الحسن ورؤيته البهية..
لن تنكر أنها أيضا تتمتع بقدر من الجمال عينيها لونها جميل مع أنه لا يظهر ووجهها به نمش خفيف لا تحبه ولكنه يليق بها حتى أنفها وفمها صغيران للغاية ووجهها أبيض مستدير وملامحه هادئة غير خصلاتها السوداء هذه تبدو طويلة من عكصتها ولكن مؤكد هي أفضل منها بكثير!.. وأيضا لو وقفت جواره تليق به أكثر منها.. حتى أن اسمها ليس جميل أبدا بل قديم وبشع وهو اسمه رائع مثلها تماما.. جاد وكاميليا يا الله تليق عليه كثيرا..
استمعت إلى صوت نسائي كبير يأتي من الأعلى بمرح ومزاح
ايه يابت الحلاوة دي.. بقى مخبية كل الجمال ده علينا ولما يطلع يطلع للحارة كلها
استمعت إلى صوت هذه المرة يأتي
من فوقها وكانت هذه البغيضة زوجته صاحبة الاسم البشع الذي لا يليق به
والله يا ماما فهمية ما كنت أعرف إن كل ده هيحصل.. أنا مكسوفة أوي من الناس اللي في الحارة
تغيرت ملامح والدة جاد وانتقلت إلى الجدية التامة وهي تنظر إليها بقوة قائلة
مكسوفة من ايه اللي حصل أنت مالكيش فيه يا حبيبتي دا الكلب اللي ما يتسمى ده هو اللي يتجازى بس أقولك أهو جاد يبقى ابني وأخاف عليه بس المرة دي مسعد
أجابتها هدير بلهفة وخوف وصوتها قلق للغاية من حديثها الذي تفوهت به
لأ والنبي يا ماما فهمية اوعي تقولي كده قدام جاد دا سمير لحقه على آخر لحظة كان زمانه دلوقتي في القسم
اتكأت فهيمة بيدها على سور شرفة الشقة الخاصة بها والتي تقابل شقة جاد وهتفت بجدية قائلة محاولة أن تجعلها تطمئن
مټخافيش.. بعد اللي عمله جاد فيه مش هيستجرأ يبصلك تاني
أبصرتها بجدية وهي تتمنى داخلها أن يكن كذلك حقا
يارب يا ماما فهيمة
مرة أخرى أردفت والدته بحماس كبير وابتسامة على وجهها
بقولك ايه ما تجبيه وتيجوا تتعشوا عندنا النهاردة
تنهدت بقوة وأخرجت نفس عميق أمامها وهي تخفض وجهها إلى الأسفل بخجل ثم رفعته مرة أخرى وقالت بخفوت
خليها مرة تانية
تفهمت والدته سبب رفضها ونظرتها الحزينة هذه فابتسمت بحب إليها وقالت بحنان صادق
إن شاء الله كله هيبقى كويس يا حبيبتي ولو الواد ده زعلك قوليلي بس وأنا هتصرف معاه
ابتسمت هدير بسعادة غامرة وهي تنظر إليها قائلة بحب وود
ربنا يخليكي لينا
يارب
كل هذا وأكثر تحت مسامع كامليا التي كانت تجلس أمام باب الورشة أبصرت والدة جاد والمنزل مرة أخرى أهذا منزله.. وهذا أيضا والورشة. لو كذلك فهو يملك بعض الأشياء ليس كزوجها الحقېر الذي كان لا يملك جنيها واحدا ولكن مهلا ما الذي كانوا يتحدثون عنه وشاهدوه أهل الحارة
ما فهته من الحديث أن هناك شيء رآه الجميع يخصها ومن فعلها شخص ربما يحبها أو يطاردها لا تدري!..
نظرت بطرف عينيها إلى نهاية الشارع وهي تفكر ولكن وقف التفكير ووقف العقل والقلب وكل خلية وعضو ينبض بداخلها..
إنه يأتي من نهاية الشارع على دراجة ڼارية خصلاته للخلف تتطاير عينيه الرمادية حادة وجادة ثابتة على الطريق وجهه مثير لعينيها بسبب وسامته التي تراها لا يوجد مثلها..
يجلس بجسده الرياضي على الدراجة كأنه يجلس على أريكة بكل أريحية وبرود
متابعة القراءة