ضبط وإحضار كاملة منال سالم

موقع أيام نيوز

في صدمة كبيرة
بتقولي مين !!
يتبع الفصل الخامس
الفصل الخامس
وكأن كسوفا كليا للشمس قد حدث لتوه فأحال السماء المضيئة إلى ليل حالك فحضور ذلك الشخص المزعج وحديثه بأريحية أقلقها وجعل الأفكار تتصارع في رأسها المشحون. توترت بهاء وارتاعت بسنت وراحت الاثنتان تحملقان بأعين متسعة في وجه عمر المسترخي تماما. لم تجرؤ أيا منهما على النطق بكلمة فساد صمت مخيف في الأجواء تتخلله الهمهمات غير الواضحة بين الثلاثة أشخاص.
بدا صوت بسنت مرتعشا وهي تهمس بالقرب من أذن رفيقتها
تفتكري بيقولوا إيه
ردت عليها بهاء في صوت خفيض ممزوج بالقلق
مش عارفة بس قلبي مش مرتاح.
عبرت الأولى عن مخاوفها قائلة پذعر احتل كامل تقاسيم وجهها
ولا أنا واحتمال يكونوا بيتكلموا عننا وبيحكي عن اللي حصل وآ..
مالت بهاء برقبتها للجانب قليلا حتى تتمكن من الحصول على زاوية رؤية جيدة بدا من موضعها أنه غير قادر على رؤيتها فاستراحت إلى حد ما وتراجعت إلى مكانها هاتفة في صوت خفيض
هو شكله مش شايفنا أصلا!
أراح صديقتها هذا الاعتقاد المؤقت وأمنت عليها
يا ريت بجد.
ظللت كلتاهما محاصرتان في موجة من الأفكار المضطربة وتأملان في أعماقهما أن ينقضي هذا اللقاء سريعا دون أن يدري هو تحديدا بوجودهما.
رغم ارتفاع درجة حرارة الجو نسبيا إلا أنها لا تقارن أبد بحرارة المشاعر الصادقة المتبادلة بينهم فما أجمل استعادة ذكرى الأحباب الراحلين بالالتقاء بمن يعيد إحياء ما فقد وتناسى عبر السنوات. باهتمام واضح تساءل سليمان وهو يمسح بمنديله القماشي العرق الذي راح يتجمع عند جبينه
والست الوالدة كويسة
أجابه عامر باسما
الحمدلله هي بخير.
رد عليه في نبرة تقدير
دايما يا رب هي من خيرة الناس والله.
شكره على لباقته مرددا
تسلم يا عم سليمان.
استطرد متحدثا بحماس ظاهر
صحيح نسيت أعرفكم ببنت أخويا حاجة من تربية زمان.
ثم استدار برأسه نحو سيارته مناديا
تعالي يا بيبو.
نفضة قوية جعلت بهاء تقفز في مقعدها عندما ناداها عمها فجأة وأخذت تهسهس
استر يا رب.
أحست بدفقة من الخۏف تتفشى في كامل بدنها بسرعة البرق بالطبع كانت بسنت أشد رهبة منها وتشبثت في ذراعها أكثر وسألتها بصوت فزع للغاية
هنعمل إيه دلوقت
ابتلعت ريقا غير موجود في جوفها وأخبرتها
هننزل طبعا هو احنا عندنا حل تاني.
التلكؤ أو المماطلة لن يجدي نفعا فالأمر محسوم مقدما وعليها الترجل من السيارة ومواجهته. حاولت بهاء أن تخفي اضطرابها ورغم هذا عكس وجهها ارتباكها تصنعت الابتسام فخرجت بسمتها مهتزة وسارت تجاه عمها بخطوات شبه بطيئة ومن خلفها تحركت رفيقتها المڤزوعة وهي لا تتوقف عن الدعاء.
استجمعت بهاء جأشها وأصبحت مرئية للثلاثة رجال لكنها افتقرت للشجاعة لتنظر إليهم لهذا طأطأت رأسها قليلا لتتحاشى النظرات المسلطة عليها وتكلمت في صوت مطيع
أيوه يا عمي.
حاډثها سليمان في نبرة مبتهجة
تعالي يا بيبو سلمي على المقدم عامر والرائد عمر.
تلقائيا رفعت بصرها للأعلى لتنظر صوبهما فزاد خفقان قلبها وتوترها مع رؤيتها لنظرة عمر مثبتة عليها في التو أبعدت عينيها المرتبكتين عنها وركزت بصرها على عامر الذي وجدته يمد ذراعه لمصافحتها بادلته المصافحة مرددة بأدب
أهلا وسهلا بحضرتك.
في التو غازلها عامر بمرح وهو يغمز بطرف عينه
معقولة عندك الجمال ده ومخبيه عننا.
على الجانب الآخر بدا عمر متفاجئا لرؤيتها لكن ما لبث أن أخفى اندهاشه ليظهر تعبيرا جديا على ملامحه وبطريقة رسمية بادر بتحيتها
إزيك يا أستاذة بهاء
ذهلت من إخبار الجميع بطريقة مبطنة أنه على صلة بها مما ضاعف من ربكتها وتوترها. طافت بنظرة مماثلة لارتباكها على من حولها قبل أن تقول بتذبذب
آ.. الحمد لله.
انتصب عمر في وقفته الشامخة أكثر وقال موجها كلامه إلى من تتوارى خلفها عن الأنظار
مش اسمك بسنت برضوه
لم تجرؤ على النظر إليه وردت بصوت مرتعش
أيوه.. ده اسمي.
في استغراب مشوب بالحيرة تساءل عامر وهو يتطلع إلى شقيقه
هو إنت تعرفهم ولا إيه
بنبرة متغطرسة أجابه
أيوه أنا اللي بدرسلهم في الأكاديمية.
ضحك في مرح قبل أن يعلق
ياه شوف الدنيا صغيرة إزاي!
أدارت بهاء عنقها ناحيتها لترد عليها بصوت خاڤت
اهدي بدل ما نتفضح.
تحولت كافة الأنظار تجاه سليمان عندما استطرد في شيء من المدح
والله بنت أخويا محظوظة إنها عندك هي ملتزمة وبتحب الكتب والدراسة أد عينيها.
رفعت بهاء حاجبيها للأعلى في صدمة فما يفوه به عمها يناقض كليا تصرفاتها الفظة

معه عفويا نظرت نحو عمر الذي حملق فيها بنظرة مستخفة مصحوبة بتعقيبه شبه الساخر
واضح فعلا.
تجنبت نظراته التي تحاصرها وأحنت رأسها على صدرها بينما تحدث عامر بأسلوبه المرح مشددا على شقيقه 
مش هوصيك على القمرات دول اعتبره أمر مباشر مني يا عمر.
قال دون أن يحيد بنظرته الثاقبة عن بهاء
ربنا يسهل.
عظمت ربكة بهاء خاصة مع طريقة تحديقه الغامضة فتعجلت قائلة بما يؤكد هروبها
هستناك يا عمو في العربية لحد ما تخلص.
ضحك عامر على طريقتها الخرقاء في المغادرة ومازح شقيقه وهو يلكزه في جانب ذراعه
لأ وخجولة واخد بالك.
لوى عمر ثغره متمتما بغير اقتناع وعيناه محدقتان في أثر طيفها الذي رحل
جدا!
تشاور سليمان مع الشابين حول إمكانية تحريك السيارة من المسافة الضيقة المتروكة له دون أن يلحق الضرر بالسيارات الأخرى فاقترح عمر عليه طريقة معينة لإزاحتها لكنه كان مترددا في تجربة الأمر لهذا تولى الأخير عنه هذه التجربة. 
في تلك الأثناء كانت بهاء قد تجرعت نصف زجاجة المياه على مرة واحدة ابتلعت ما ملأ جوفها لتستدير نحو رفيقتها الغارقة في ذهولها المړتعب وخاطبتها في صوت مرتجف
أنا مش مصدقة اللي حصل.
ردت عليها بسنت بوجه مخطۏف اللون
أنا حاسة إن هيغمى عليا قلبي هيقف مش قادرة خالص.
أضافت في توتر
احنا ولا كأننا في فيلم ړعب وآ...
اختنقت باقي الكلمات في جوفها بغتة عندما وجدت عمر يفتح الباب الآخر للسيارة ليجاورها ويجلس خلف عجلة المقود اتسعت عيناها بشدة وتجمدت في مكانها كالصنم فقد شلت المفاجأة تفكيرها وجعلتها متخشبة في موضعها. ما زاد من هول الصدمة عليها أنه لم يكلف نفسه عناء تبرير سبب وجوده أو حتى توضيح ما يفعله بجوارها رأته يمد يده ويدير المحرك ليشرأب .
بهر نظرها أنه كان واثقا من قدراته العقلية ومهاراته الفذة لم يهتز له جفن ولم يبد مترددا بل كان في أوج ثباته وهدوئه تعامل مع هذه المسألة التي تعد عسيرة على غيره بمنتهى السلاسة والتريث. أحست بهاء بهذه الخفقة الغريبة تعصف بقلبها وهي تجلس على مسافة قريبة منه لم تستطع إبعاد عينيها الفضوليتين عنه وراحت تتأمله بنظرة إعجاب ظاهرة وڤاضحة في حدقتيها. ما إن تمكن من إبعاد السيارة حتى منحها نظرة صارمة من عينيه جعلت بشرتها
كده تمام ولا تحب أوصلكم لحد البوابة
أخبره سليمان في امتنان شاكر
كتر خيرك يا ابني والله ما عارف من غيرك كنا طلعنا من المغرز ده إزاي.
ربت على جانب ذراعه في محبة قائلا
تحت أمرك يا عم سليمان.
جاء رده ودودا للغاية
الله يكرمك ويوفقك دايما...
هم عمر بالتحرك وسليمان يتابع الحديث إليه 
ومش هوصيك على البنات.
ثم رفع من نبرته ليحادثها على وجه الخصوص
مستنيكي في التدريب.
ابن حلال مصفي.
ردت عليه بهاء بتعابير تبدلت للانزعاج
أوي أوي.
اندفعت بسنت للأمام قليلا لتهمس إلى رفيقتها في تساؤل قلق
احنا كده روحنا في داهية
أجابتها في توجس مماثل لها
لأ الداهية هي اللي جت لحد عندنا!
لاحقا وحينما عادت إلى بنايتها مكثت بهاء لدى زوجة عمها معظم اليوم ريثما ينتهي العمال من تركيب الباب الحديدي الذي أصر عمها على وجوده لزيادة حمايتها أثناء فترات غيابه عن البيت كما انشغلت أيضا بمساعدة زوجته في إعداد ملفوف الكرنب وبعض الأطعمة الشهية ولأكثر من مرة حاولت فادية إرشادها ليبدو الملفوف متناسقا لكنه كانت لا تجيد لفه ففقدت الشغف في عمله واتجهت لتقطيع البطاطس. 
استطردت زوجة عمها تسألها في مكر كاستهلال مسبق لما تريد البوح به
مافيش حد كده ولا كده شاغل بالك
قطبت جبينها متسائلة بشيء من الاستغراب
تقصدي مين
ابتسمت في صفاء وهي تسهب في التوضيح لها
شاب تكوني اتعرفتي عليه نفسي أفرح بيكي أوي

تجهمت تعبيراتها نسبيا وقالت وهي تتجه للحوض لتغسل الأطباق المتسخة
لأ أنا الموضوع مش في دماغي أصلا.
تحركت خلفها لتقف مجاورة لها وتابعت في قدر من الحماس
طب بصي أنا عندي واحدة قريبتي ابنها لسه آ...
لم تتحمل سماع نفس العبارات المستهلكة عن عروض الزواج وغيرها فقاطعتها في جدية
والله ما بفكر في الحكايات دي يا طنط.
أصرت على موقفها معها قائلة
يا بنتي كل واحدة مسيرها في يوم تتخبط وتتجوز.
في نفس اللهجة الجادة خاطبتها
أنا عايزة أطمن على مستقبلي الأول واشتغل في وظيفة محترمة.
ردت عليها بتصميم لا يقل عن عنادها
وماله اعملي ده بجانب الجواز وبعدين إنتي بتكبري مش بتصغري.
قوست زاوية فمها معلقة في سخرية
قصدك يعني إني هعنس وفرصتي هتقل ومش هلاقي اللي يرضى بيا
في التو صححت لها مفهومها الخاطئ مبدية تبريراتها المنطقية
مقصدش والله بس علشان تلحقي تخلفي وتربي عيالك في شبابك وبعدين علشان ما تكونيش لواحدك لو لا قدر الله أمر الله نفد وموتنا.
نظرت إليها قائلة
بعد الشړ عليكم ربنا يخليكم ليا...
ثم حررت زفرة سريعة لتضيف
بس الحياة مش واقفة على الجواز وبس في حاجات تانية أهم.
لم تحاول الضغط عليها كثيرا وأنهت النقاش في هذا الموضوع مرددة
ربنا يهديلك الحال ويصلح بالك.
لما جن عليها الليل وأصبحت في غرفتها مستلقية على فراشها تشتكي لنفسها من إرهاق نهارها أمسكت بهاتفها المحمول لتتفقد ما فاتها طوال اليوم بالطبع قطع اتصال بسنت عليها ما كانت تقوم به فأجابت عليها لتجدها تصيح فيها بتوتر
إنتي مش بتردي عليا ليه من بدري
أخبرتها في هدوء وهي تتقلب على جانبها لتنام عليه
كنت مشغولة معاهم في البيت ما أنا حكيالك اللي ورانا.
جاء صوتها على نفس الوتيرة المتوترة
نسيت أنا أصلا مش عارفة أتلم على أعصابي من ساعة اللي حصل.
خللت بهاء أصابعها في شعرها المحلول وهمهمت وعقلها يجسد تصورا طيفيا لما مرت به
أومال أقولك عني إيه ده أنا قلبي وقع في رجلي لما لاقيته جمبي.
سألتها بسنت في توجس
تفتكري هيعمل فينا إيه 
أجابت بعد لحظة من الصمت
أي حاجة متوقعة مع الراجل ده.
استطاعت أن تسمع صوت تنهيدتها وهي تردد في تضرع
ربنا يستر ويعديها على خير.
أطبقت بهاء على جفنيها قائلة
بلاش نفكر كتير احنا مش ناقصين توتر.
سرعان ما فتحت عينيها عندما أخبرتها في صوت جاد مشوب بالقلق
طيب ما تنسيش في عندنا تدريب عملي.
تساءلت في تحير
ده بتاع إيه
أوضحت لها في الحال
لما كنتي غايبة اتناقشنا عن موضوع الڼزاع بين الدول وإن في أراضي بتتزرع ألغام في مساحات كبيرة وآ...
ضغطت برأسها على الوسادة وعلقت
افتكرت إنتي كنتي بعتيلي صور بالملخص بس أنا نسيت وما بصتش فيهم.
راحت تكمل بسنت حديثها إليها
إن شاءالله ربنا يعميه عننا ويتلهى بغيرنا أكيد مش هيركز معانا بس.
استلقت على ظهرها لتحملق في سقف الغرفة متمتمة بيأس
بعد توصيات عمي ما أظنش!
داهمتها عشرات الأفكار غير المبشرة والتي تمحورت جميعها حول كيفية استمتاعه بإحراجها على
تم نسخ الرابط