رواية كاملة الفصول
المحتويات
من أطاح به لحافة المۏت فقط من أجل شعور باللذة سيدوم لساعات ولكن الأمر لم يدم لساعات بل للأبد فذهب هو لرب كريم واستمر هو في مسيرة حياته تطيح به الحياة تارة من هنا وتارة من هنا ويتخبط في أزماتها مقاوما دوماتها فيذهب ويأتي للحياة مرات عديدة والآن هدأت الحياة من سهماها التي تطلقها عليه متتابعة ولكن ضميره لم يهدأ وسيظل يعاني من الآم الضمير في كثير من ذنوبه ولن تتركه كوابيسه المزعجة مطلقا حتى يتصالح مع نفسه !
نفضه في مكانه طرق الباب فجفف دموعه فورا وسمح للطارق بالدخول وكان الطارق كرم حيث دخل واغلق الباب هاتفا
هو في حد بينام دلوقتي يابني !!!
حاول جاهدا إظهار صوته طبيعيا وهو يزيح بعيناه عنه ويتمتم
ما أنت كنت معايا في الشركة وشوفت كان الشغل إزاي النهردا كتير ومتعب
تقدم ناحية الأريكة الصغيرة وجلس عليها بإرياحية مغمغما في جدية ونبرة حازمة
متقلقش !!
دقق كرم النظر في وجهه متفحصا ملامحه فتوقع أن كوابيسه قد عادت تطارده من جديد أو مازالت ! ليصدر تنهيدة حارة قبل أن يسأله باهتمام
إنت لسا بتحلم بوائل !
ابتسم بمرارة وأجابه بخفوت وعجز عن مقاومة أي شيء فهو كطائر مكسور الأجنحة ينتظر حتفه
انتصب في جلسته وانحني للأمام قليلا هاتفا في زمجرة مفرطة بعد أن استفزته كلماته التي كلها ضعف وعجز
إنت ملكش ذنب في أي حاجة يازين إنت كنت ضحېة زيه وسامح نفسك عشان ترتاح كفاية تأنيب في نفسك إنت غلطان أكيد بس غلطك كان عن غير وعي وهو ممتش بسببك ده قدره ويومه وساعته تعددت الأسباب والمۏت واحد يعني ده كان سبب وبيك أو منغيرك كان ھيموت بأي سبب تاني
أنا مليش ذنب في وائل ومليش ذنب في الراجل اللي خبطته بالمخروبة بتاعتي ومعرفش عايش ولا مېت ومليش ذنب في اللي بيجرالي ! لا أحب اقولك أن أنا استاهل كل اللي جرالي واللي بيجرالي لإنه محدش جبرني على حاجة أنا اللي اخترت امشي في طريق الممنوعات والإدمان بنفسي لغاية ما وائل ماټ بسببي
اكتفى بالصمت وهو يطرق رأسه أرضا فأكثر من يحب التحدث معه هو أخيه من شدة قربهم لبعض لا يوجد شيء لا يعرفه أحد عن الآخر ولهذا هو أكثر من يفهمه والعكس ربما كرم هو ملجأ كل من يود البوح بشيء ېخنقه وتطلق عليه والدته المصلح الاجتماعي !! لرزانته وحكمته في حل الأمور ولكن حين يسمعها تناديه بهذا الاسم ينفجر ضاحكا ويوبخها توبيخا لطيفا فتبادله الضحك هي وبقية اشقائه !
هب واقفا واقترب من أخيه ورتب على كتفه هامسا بلطف
قوم اتوضي يلا إنت مصليتش العشا في الجامع بسبب إنك نايم بعد المغرب زي الفراخ وأنا كمان هروح اتوضى
واقول لماما ورفيف يتوضوا كمان عشان تصلي بينا جماعة يلا قوم
اماء لأخيه بابتسامة طيبة فبادله إياها وانصرف مغادرا لغرفته لكي يتوضأ كما قال له منذ قليل فعاد هو يستغفر ربه بحزن وشجن ثم وقف واتجه للحمام هو الآخر ليتوضأ
باقي الخامس
مع إشراقة شمس يوم جديد كانت العائلة مجتمعة في المنزل وجميعهم على طاولة طعام الغذاء يتبادلون الأحاديث ويضحكون ويمرحون وكان على مقدمة الطاولة هدى وعند ذيلها يجلس كبير العائلة طاهر العمايري كان الجميع في مرح وسعادة معادا يسر التي تتطلع احسن في غل وحقد وأعين ڼارية ولن تتمكن من حجب نفسها وإلا ستنفجر بهم جميعا القت نظرة على حسن الذي منشغل بالتحدث مع ابنة خاله التي أتت من السفر صباحا وكان هذا سبب في اندلاع نيران الغيرة بقلبها أكثر حيث هتفت في ابتسامة صفراء ونظرة ماكرة
طيب بما إننا كلنا متجمعين كدا ماشاء الله حابة اقولكم حاجة تخص حسن عشان افرح طنط هدى بيه !!
وقفت اللقمة في حلقه وأخذ يسعل بقوة فناولته هي كوب الماء هامسة بنظرة لئيمة ومتشفية
على مهلك
زغرها بنظرة ڼارية ومتوعدة وهو يزأر من بين اسنانه ثم تناول الكوب من يدها وشربه دفعة واحدة ثم نقل نظرة بين العائلة وهو يرى نظرات الاستعجاب في عيناهم والاستفهام !! فلم تمهله هي الفرصة لينقذ نفسه حيث أكملت ببراءة متصعنة وهي تعطيه نظراتها الشيطانية
أصل حسن رجع الشركة من كام يوم فقولت أما افرح مرات عمي بالخبر ده بما إننا كلنا قاعدين
ظل يحدق بها شزرا وعيناه تطلق شرارات ملتهبة وكانوا يتبادلون النظرات بابتسامات لا يفهم ما تضمره هذه الابتسامات في الخلف سواهم ولكن كرم كان يتابع الموقف ويبتسم لفهمه ما يجري بينهم فدق هاتفه رنينه ونظر للمتصل ثم هب واقفا وغمغم
طيب ياجماعة عن أذنكم
ما تكمل أكلك يابني
شبعت يا أمي عن اذنك ياعمي
اذنك معاك يابني
ثم نقل العم نظره لحسن وهتف باسما بسعادة
ايوة كدا ياحسن ربنا يهديك يابني اقف مع اخواتك وساعدهم فرحتني والله !
رتبت امه على كتفه بابتسامة فخورة ومحبة ثم استقام زين واستأذن من الجالسين حتى لا يتأخر على موعد العمل المهم
أجاب كرم على الهاتف في هدوء نبرته المعتادة ولكن جاءه صوتها المڤزوع وهي تهتف مستنجدة به
الحقني ياكرم ماما تعبانة أوي ورافضة ما تاخد علاجها ولا تاكل حتى ومش عارفة أعمل معاها إيه
أثارت قلقه وخۏفها من نبرته المتلهفة والمرتعدة فأجابها في خفوت محاولا تهدئتها
طيب اهدي ياشفق مش راضية تاخد علاجها ليه !
مش راضية ياكرم والله دي من امبارح رافضة وانا سبتها محبتش اضغط عليها والنهردا تعبت اوي وحتى الأكل مش عايزة تاكل تعال يمكن تعرف تقنعها هي بتسمع منك
طيب حاضر أنا هلبس وهاجي دلوقتي وحاولي معاها لغاية ما آجي يمكن توافق
أجابته بالموافقة في صوت به شيء من الرجفة فاندفع هو ناحية غرفته ليرتدي ملابسه ويرحل فورا
أما داخل المنزل فقدت انتهت يسر من طعامها وجلست بحديقة المنزل تنتظرهم حتى ينتهون من طعامهم فانتبه لها حسن من النافذة واستقام مدعيا الشبع واتجه لها بالخارج رأته يندفع نحوها كالثور الهائج فلاحت ابتسامتها المتشفية على ثغرها وفي أقل من لحظة كان يقف أمامها ويجذبها من ذراعها خلفه حتى ادخلها بغرفة خارجية في الحديقة وأغلق الباب ثم تحدث وهو يحاول التحكم في نبرة صوته
إنتي بتشتغليني يعني وبتلعبي بيا ما بلاش أنا يايسر ده أنا ۏسخ وممكن اخليكي تكرهيني بجد
اطالت النظر به وشفتيها تميلان للجانب في استنكار ثم تمتمت وهي تمر من جواره متجهة ناحية الباب
وريني هتعمل إيه !!
صحيح ومش راجل عرفت إن اللي بعمله فيك تستاهله ولسا هتشوف مني ياحسن عشان أنا مبسبش حقي
ثم دفعته من أمامها واندفعت للخارج وتركت العنان لدموعها المريرة والمنكسرة نزلت الدموع حاړقة كالنيران فقلبها يتحرق من حبه وهو وغد لا يستحق عشقها له فقط يستحق الكره وهي تفشل في اعطائه الكره فكل ما تفعله به هو بدافع عشقها لها وتضعه تحت راية انتقامها انتقامها الكاذب
متكورة في
إحدى زوايا المنزل بجانب الحائط ومجهشة بالبكاء العڼيف مع حرصها على عدم وصول صوت بكائها لأذن أمها المړيضة تركهم أخيه فجأة ووالدتها بين الحياة والمۏت حالتها الصحية تزداد سوءا مع مرور الوقت منذ فجيعة أخيها أن تركتها هي أيضا فحتما ستلحق بهم لم يتبقى لها سواها وبدونها ستصبح وحيدة بلا عائلة أو ملجأ ستصبح كالطائر الذي بلا عش وتأخذه الرياح وتلقي به حيثما تريد ! اليوم هو الخامس منذ ۏفاته وسئمت من التظاهر بالقوة الثبات وهي في أشد الحاجة للصړاخ والبكاء في امس الحاجة لإخراج الألم الذي يأكل ويفتت قلبها ولكنها تتحمل من أجل والدتها وتفرغ عن ما في فؤداها
ببكائها المنخفض والمتخفي بعيدا عنها !!
أخرجها من موجة بكائها صوت رنين الباب فوثبت واقفة وجففت دموعها عن وجنتيها ولكن لا يزال أثر البكاء في عيناها ارتدت حجابها ثم توجهت وفتحت الباب بتلهف بعد أن توقعت من الطارق فنظر هو لها وقال بقلق
بقت كويسة
أجفلت نظرها أرضا وهزت رأسها بالرفض في مرارة وأعين تستعد بالانفجار مجددا فهمس هو بإحراج وارتباك
وليه العياط ده كله إن شاء الله هتبقى كويسة قوليلها بس إني جيت عشان ادخل اتكلم معاها
أماءت له وبسطت يدها تسمح له بالدخول فدخل هو على استحياء وجففت دموعها وتوجهت لوالدتها التي اشرقت من السعادة لعلمها بقدومه وخرجت لتخبره بأنه تنتظره فطلب منها أن تلحقه بالطعام والدواء خاصتها
فتح الباب بعد أن طرقه بلطف ودخل فاستقبلته هي بابتسامة مشرقة وسعيدة ليقترب هو بعد أن بادلها الابتسامة العذبة وجذب مقعد وجلس قبالتها مغمغما برقة تليق بصوته الرجولي
كدا برضوا تقلقينا عليكي يا أمي
التقطت الورقة والقلم وبدأت تدون له ما تود قوله ! فقد فقدت قدرتها على التحدث نتيجة لصډمتها بخبر ۏفاة وحيدها فأخذ من يدها الورقة وقرأ ما كتبت عليها والذي كان كالآتي مجيتش ليه امبارح
فأظهر الأسى والتأسف وتمتم باحترام
أنا آسف حقك عليا كان معايا شغل كتير خالص والله ورجعت متأخر فمكنش ينفع اجيلكم
أماءت له مبتسمة
متابعة القراءة