رواية كاملة الفصول
المحتويات
ربما كنت مخطئة بشأن مفهوم العشق على أنه يقود للجنون والآن يجب على الاعتراف بأنه قادني لمستنقع مظلم حبس انفاسي وحجب رؤيتي فڠرقت في ظلماتي وحيدة دون أن أحصل على أي شيء وفقط حصلت على الخذلان للمرة الألف وأنا أفشل في تحقيق ما اسعى إليه من العشق ربما كان يجب على أن أكون أكثر واقعية وأن لا اتعلق بأوهام تمكنت من أن تتطيح بي إلى اقصى البلاد ورغم كل هذا مازالت ابحث عن العشق في هذه القلوب الغريبة ولست متأكدة إلى متى سيتسمر بحثي ولكن حتما ستكون نهاية هذا البحث أما أن أجد ما أبحث عنه أو اتوقف أنا عن البحث ويدب اليأس في قلبي فأعلن عهد جديد لا يوجد به مكان للعشق في قلبي !! والآن هو يرى النهاية فقد دب اليأس في قلبها واعلنت عهدها الذي لا مكان للعشق فيه ولكنها لو اكملت بحثها للمرة الأخيرة ستجد ما كانت تبحث عنه في تلك القلوب الغريبة !!
عندك حق أنا واحد حقېر ومتحبش بس مش يمكن لو ادتيني فرصة تاني تغيري رأيك
سكتت للحظات تحدق به حتى قالت بثبات و بنبرة ذات معنى مع كلمات تعنيها جيدا وهي تقولها
احنا مننفعش لبعض ياحسن
نفس الجملة التي قالها لها وقالتها الآن لتذكره بكلامه وقسوته وجفائه معها ولتؤكد له أنها لم تنسي أي كلمة خرجت من فمه لها ابتعد عنها وهو يغمض عيناه بقوة حتى لا يجعلها ترى لمعة الدموع فيها فاستدارت هي الأخري واعطته نصف ظهرها حتى لا تراه ليظل واقفا يحدق بها بسكون وشوق إلى أن تم إصلاح العطل في المصعد وعاد يعمل ففتح الباب أمام الدور الأرضي خرجت وتركته ليضغط على زر الطابق الأول حتى يذهب لقاعة الاجتماعات وبمجرد ما اغلق الباب عليه مجددا مسح على وجهه وهو يزفر بعدم حيلة ويمسح عيناه الممتلئة بالدموع !!
خرج كرم منذ المساء لحضور حفل زفاف أحد اصدقائه ورفضت هي الذهاب معه لشعورها ببعض التعب نهضت من على الفراش بصعوبة وهي تنتفض والدوار يداهمها ولا تتمكن من الوقوف على قدميها فسارت بخطوات متعثرة حتى جذبت هاتفها الموضوع على الأريكة وضغطت على رقمه تجري اتصال به حتى اتاها رده العادي ومن حوله ضجة الأصوات والموسيقى
سمع صوتها مشوشا وغير واضح بسبب الضجة والأصوات الصاخبة التي حوله ولكن كان واضح عليها التعب الشديد وهي تهتف
تعالى ياكرم أنا تعبانة أوي
كان سيجيب عليها ولكنه سمع صوت ارتطام الهاتف بالأرض فهب واقفا وقال بهلع
شفق شفق !!
لم يجد الإجابه منه فاندفع للخارج شبه راكضا واستقل بسيارته وانطلق بها ثم اجري اتصال بالطبيب ليلحقه على المنزل
رافق الطبيب حتى الباب وشكره بامتنان واستمع إلى نتبيهاته الصارمة تجاه بعض الأشياء حتى لا تتعب مجددا كان يعطيه نصائح خاصة يتبعها أذا شعرت بإي تعب فأجابه كرم بالموافقة وبعد رحيلة وقف خلف الباب وهو يزفر القليل من الفزع الذي ترك في نفسه أثره حتى بعد
أن طمأنه الطبيب عليها فلقد عاد للمنزل بعد أن اجرت اتصال به ووجدها فاقدة الوعي على الأرض وحرارتها مرتفعة لدرجة أنه لم يستطع لمسها فزعر وازداد خوفه وتوتره وحاول أن يوقظها ولكن دون فائدة فحملها ووضعها على الفراش والبسها شيئا مناسبا ووضع حجابها على شعرها قبل أن يأتي الطبيب فحصها واخبره بأنها تعرضت لحمى شديدة جدا ووضع لها محلول طبي وطلب منه أن يجهز لها طعام حتى تأكل وتأخد الدواء عندما تستيقظ وهدأ من روعه بأنها ستكون بخير بعد أخذ جرعة المحلول والدواء
استمع لآخر كلماتها وعبست ملامح وجهه بالأخص بعدما سمعها تكمل
بحبه أوي
تنهد الصعداء فهو يعرف جيدا أنها تعشقه وكان يتصنع عدم الفهم
صدقيني حتى أنا مبقتش عارف إنتي بتعملي فيا إيه ردي وقوليلي عملتي إيه فيا ياشفق !! إزاي قدرتي تعلقيني بيكي بالشكل ده وفي الفترة القصيرة دي إزاي !
نائمة لا تشعر به ولا تسمع كلامه فقط تنام وتهلوس بين الحين والآخر ليمسح على شعره نزولا لوجهه وهو يصدر تأففا محتارا ثم ينهض من جانبها ويتجه للمطبخ ويبدأ في تحضير الطعام وبعد مرور نصف ساعة وأكثر يعود لها وهو يحمل بيده صينية فوقها طعام مناسب لشخص مريض ووضع الصينية على المنضدة بجوار الفراش
وجلس بجانبها من جديد يهمس وهو يملس على ذراعها بلطف
شفق قومي ياشفق يلا عشان تاكلي وتاخدي العلاج
لا تجيبه وفقط مغمضة عيناها بتعب فيعود ويرفع يده إلى وجنتها يمرر ابهامه عليه برقة ويهتف بصوت اوضح من السابق
شفق قومي !
فتحت عيناها أخيرا ولكن بصعوبة وعدم قدرة على فتحها كاملة ليخرج همسها ضغيفا وغير مسموع جيدا
مش قادرة افتح عيني ياكرم
تمتم بحنو ونبرة دافئة
مينفعش لازم تاكلي الأول يلا قومي وأنا هساعدك
اعتدلت في نومتها بصعوبة فحاوطها هو بذراعيه وساعدها على الجلوس ووضع خلف ظهرها وسادة كبيرة حتى تستند عليها ثم جلب صينية الطعام أمامها على الفراش مدت يدها لتمسك بالمعلقة ولكن أعصابها مرتخية تماما ولا تتمكن حتى من مسكها جيدا فسحبها من يدها وقال بابتسامة ساحرة
أنا هأكلك هاتي
ملأ المعلقة من الصحن ثم مدها لفمها وبمجرد ما أن أكلت أول معلقة قالت برفض
لا مش قادرة آكل بجد
عاد يملأ المعلقة من جديد ويمدها لفمها هاتفا برفق
معلش كلي حاجة بسيطة بس
ابدت عن نفورها واشاحت بوجهها بعيدا هاتفة
مليش نفس ياكرم والله
تحولت نبرته ونظرته إلى الحدة البسيطة وهو يقول
وبعدين ياشفق متخلنيش اضايق منك كلي يلا تعالي على نفسك شوية
زفرت بعدم حيلة وعادت بوجهها ناحيته مجددا وأكلت مجبرة وعلى وجهها معالم النفور ساد الصمت بينهم وهو يطعمها حتى انتهي وامسك بكوب الماء وأقراص الدواء واعطاهم لها لتضع القرص في فمها أولا ومن ثم تشرب الماء فوقه وتعطيه الكوب من جديد فوقف وذهب بالطعام للمطبخ وغير ملابسه في الغرفة الأخرى ثم رجع لغرفتهم واقترب يتمدد بجوارها على الفراش ويمد انامله يبعد خصلات شعرها عن وجهها هامسا بأعين تنضج بمشاعر مختلفة
حضتيني عليكي أنا مكنتش هطلع من البيت لما لقيتك تعبانة وإنتي فضلتي تقوليلي أنا كويسة وروح متقلقش عليا بس العيب مش عليكي العيب عليا إني سمعت كلامك وسبتك
ابتسمت له بحب وهمست بنبرة رقيقة
متوقعتش إني هتعب أوي كدا بس الحمدلله بقيت احسن شوية وكمان لما انام واصحى الصبح هبقى افضل بكتير
اطال النظر في ملامحها البريئة والجميلة فازدادت ابتسامته اتساعا وفرد ذراعه له هامسا بأعين تتحدث بالمشاعر ونبرة جذابة
تعالي هنا
فهمت أنه يحسها فأخفت ابتسامة خجلة كانت على وشك أن تخرج لشفتيها ورأته يشير لها بعيناه بمعنى يلا هامسا بنبرة جديدة تماما
متقوليش إني مبحبكيش تاني هااا
رفعت عيناها إليه قائلا بتعجب
إمتى قولت كدا !
كنتي بتهلوسي وإنتي نايمة
اعتدلت في نومتها فورا لتقول بزعر وارتباك
قولت إيه تاني غير ده !
ابتسم بهدوء وهو يتذكر اعترافها له ثم نظر لها وغمغم بخفوت محاولا الظهور بطبيعية
مقولتيش حاجة
كرم قول بجد قولت إيه
ضحك بقوة هذه المرة وقال بنبرة بدت لها صادقة
هلوستي شوية بسيف ومامتك بس مش اكتر
تنهدت الصعداء بارتياح متمتمة بخفوت جميل
الحمدلله
لم تستغرق دقائق طويلة
حتى ذهبت في ثبات عميق وظل هو يحملق في السقف بشرود ثم غلبه النوم هو الآخر !
تحركت ملاذ باتجاهه عندما رأته جالس في حديقة المنزل وعيناه معلقة على السماء وكأن عقله مشغول بشيء مهم للغاية فاقتربت منه حتى جلست بجواره وخطفت قبلة سريعة من وجنته هامسة بعبوس انوثي ومدلل
سايبني وحدي ليه وقاعد بتفكر في إيه هنا
لم ينزل نظره عن السماء وظل معلقها في الأعلى لتسمعه يسألها بنبرة مشتتة
ملاذ هو إنتي ممكن تكرهيني وتسبيني لو سمعتي عني في يوم كلام أو حجات مكنتيش تتوقعيها
لم تفهم سبب هذا السؤال بل كان السؤال غامض بالنسبة لها ولا تفهم منه شيء ماذا يقصد بأشياء لم تتوقعها منه !! وهل هو سؤال فارغ أم خلفه خفايا وأسرار لم يفصح لها عنها
سألته بريبة حقيقية واستغراب
حجات زي إيه يعني مثلا
مازال لا يملك الجرائة ليخبرها بماضيه الذي لا يتقبله هو حتى الآن يخشى أن تتغير نظرتها فيه أو تبغضه وتفقد ثقتها فيه يخشي من شيء لا يعرف تحديدا ماهو ولكن هناك صوت بقلبه يلح عليه بأن الأفضل أن تظل الحقيقة غامضة لفترة أخرى
هتف بنفي وابتسامة متصنعة
لا خلاص متشغليش بالك سؤال ملوش لزمة
تنهدت بعمق وقالت
زين أنا حاسة إنك مخبي عني حاجة من وقت ما روحنا بيت العيلة وقولتلي إن في حاجة حصلتلك وبعدين باباك اخدكم لبيت منفصل وزي ما حاسة بده حاسة كمان إنك خاېف ماتقولي بس صدقني أي كان الشيء ده عمره ما هيقدر يقلل من حبي ليك إنت سندي وحبيبي وجوزي ومفيش حاجة هتقدر تفرقنا عن بعض وزي ما تخطينا صعاب كتير من بداية جوازنا وعلاقتنا هنتخطى كل حاجة جاية كمان ووقت ما تحس نفسك حابب تتكلم أنا موجودة متخفش أنا معاك ومش هسيبك
لا يمكنها أن تكون بكل هذا التفهم والحكمة وهي تعرف أني اخفي شيء عنها كيف تفعلها !! كان يسأل نفسه بذهول من ردها عليه ورزانتها وتلقائيا وجد ابتسامته تخرج لشفتيه بدون أذن وتستقر في عيناه نظرة عاشقة فهي كالملاذ حقا الذي ارسله الله له لكي يحتمي به ويجد فيه الراحة والسکينة والحب والتفاهم كما كان يبحث عنه
بحبك ياملاذي
قررت أضفاء القليل من المرح على جلستهم فأجابته بمداعبة
عارفة قولتلي كدا أول إمبارح
فهم مداعبتها فضحك بخفة وغمغم غامزا بحب
وفيها إيه ! نقول تاني وتالت ورابع وعاشر كمان ولا إنتي عندك اعتراض !
تقول اللي عايزه ياقلب ملاذك
ضاحكة وقالت بتذمر وهي تزم
متابعة القراءة