رواية كاملة الفصول

موقع أيام نيوز


فكان هادئا تماما ظن أنها تنتظره بالغرفة ولهذا المنزل يعم به السكون ! .. نزع حذائه عنه وتحرك إلى الداخل وأول شيء وقع نظره عليها مائدة العطام المتوسطة والموضوع فوقها صحون الطعام بانتظام وقامت بتزينها بشكل رومانسي كما طلب منها ابتسم بحب وحماسه وصل لمستوى مرتفع واصبح لا يطيق الانتظار لرؤيتها هي أيضا فاندفع نحو غرفتهم وفتح الباب وهو يقول بإشراق وجهه متحمس 

_ شفق يا.......
تسمر مكانه وقد تلاشت ابتسامته تدريجيا حين رآها بالفراش ونائمة استطاعت فورا أن تطيح بحماسه لليلتهم الأولى في الأرض .. فاقترب منها وجلس على حافة الفراش بجوارها متمتما بخفوت وهو يهزها بلطف 
_ شفق إنتي نمتي !!!
فتحت جزء صغير من عيناها وهي تقول 
_ كرم !
اعتدلت في نومتها وغمغمت وهي تفرك عيناها 
_ لا منمتش أنا كنت مغمضة عيني بس
_ طيب قومي يلا عشان نتعشي مع بعض وأنا هروح اخد دش واجيلك
أماءت له برأسها بالموافقة لتبتسم هي بعبث وتهب واقفة تنظر لنفسها في المرآة تهندم من مظهرها وتجدد
مكياجها .. كانت ترتدي منامة تصل إلى الركبة بحمالات رفيعة وبفتحة ظهر واسعة وكبيرة وضيق بعض الشيء على جسدها يظهر منحنياتها بشكل مثير مما اعطاها لمسة أنوثية التقطت الروب وارتدته فوقه ثم غادرت الغرفة وذهبت لطاولة الطعام تضع اللمسات الأخيرة عليها وبعد دقائق ليست بطويلة اتى وكان يرتدي بيجامة منزلية من اللون الأسود فجلس على مقدمة الطاولة وهي بجواره القي عليها نظرة مغرمة ووضع أول لقمة في فمه وهي كذلك فعلت لتسمعه يهمس بعد لحظات قصيرة 
_ تسلم إيدك ياحبيبتي
لاحت الابتسامة الخجلة والعذبة على شفتيها وهي تجيبه 
_ بالهنا والشفا
اكملوا عشائهم لدقائق قليلة ومن ثم نهضت هي وبدأت في نقل الصحون للمطبخ وهو كذلك يساعدها .. وبعد انتهائها هيأ لها أنها سمعت صوت رنين هاتفها فذهبت للغرفة لتنظر له فلم تجد أي اتصال من أحد .. تسلل هو خلفها واغلق باب الغرفة وإذا بها تشعر به من الخلف .. انحبست انفاسها وتسارعت دقات قلبها 
_ بحبك يا أميرتي !
التوتر والخجل استحوذوا عليها فلم تتمكن حتى من الفرح كما يجب بهذه الكلمة الذي نطقها لأول مرة 
_ كرم في فيلم جميل جدا شوفت أعلانه وهيبدأ دلوقتي ماتيجي نسمعه نفسي أوى اتفرج عليه
رفع حاجبه يجيبها بستنكار لطلبها الذي في الوقت الخطأ تماما 
_ فيلم ودلوقتي !!!
هزت بالإيجاب وتمتمت برجاء 
_ أيوة ارجوك يلا
ابتسم بحب وهدر بحنو 
_ الفيلم بياخد تلات سعات او ساعتين ونص على التلفزيون ياحبيبتي .. مش وقته خالص دلوقتي الصراحة بكرا أنا موجود معاكي اليوم كله هنشغله على اللاب ونسمع براحتنا
عقدت ذراعيها واجفلت نظرها أرضا تزم شفتيها للأمام بعبس طفولي ليتأفف هو مغلوب على أمره وقال 
_ طيب خلاص يلا هنسمعه
عاد وجهها يشرق بالابتسامة من جديد واسرعت للخارج تقوم بتشغيل التلفاز وتجلس على الأريكة تشاهد الفيلم الذي يبدو أنه بدأ منذ دقائق قليلة وشاركها هو الجلوس بجانبها يعلق نظره على شاشة التلفاز مجبرا وباقتضاب ..فقط لرغبتها أما هي فلا تفهم سبب خجلها منه .. لم تكن تخجل هكذا منه في بداية زواجهم ربما لأنها شهدت على جانب جديد منه فلذلك تخجل وتتوتر والآن تحاول التركيز على الفيلم لكي يمحو توترها .
مرت ساعة ونص وهم مازالوا يشاهدون ذلك الفيلم اندمجت هي بشدة في المشاهدة وكانت تشاهد باستمتاع .. غير منتبهة لذلك الذي سينفجر من الغيظ والانتظار تارة يمسح على وجهه متأففا ولا يثبت في جلسته يتحرك يمينا ويسارا فلقد سئم من الجلوس هكذا واستنفذ كل طاقة الصبر لديه .. همس بلطف 
_ مش كفاية بقى ولا إيه ياحبيبتي الفيلم لسا مطول وأنا زهقت !
نظرت له وقال متوسلة 
_ لا بليز خلينا نكمله عجبني أوي وممتع والله
زفر بخنق واعتدل في جلسته يعود لوضعه الطبيعي ولكن هذه المرة عيناه كانت معلقة على ساعة الحائط تارة ينظر للتلفاز وتارة للساعة وكلما تمر الدقائق يستاء أكثر من الانتظار الممل والذي افقده أعصابه .. هتف شبه منفعلا بضجر 
_ وبعدين ياشفق مش معقول كدا هنفضل بالمنظر ده كتير يعني .. عدت ساعتين دلوقتي
ادركت أنها ضايقته ولكن ليس بيدها كانت متوترة بشدة ومشاهدة الفيلم نفعتها وهدأت من توترها قليلا انزوت نظرها عنه بعبوس ليصدر هو تنهيدة حارة وهدأ ضجره عندما فهم توترها وخجلها .. 
_ كل الكسوف ده من الكوكو بتاعك !!!
ضحكت بخفة عند نطقه للاسم الذي تطلقه عليه وبالرغم من أنه لا يحبه ولكنها فهمت أنه يقوله متعمدا لكي تضحك .. عادت الابتسامة لوجهه وهو يقول مشاكسا 
_ ضحكت يعني قلبها مال خلاص
وجدته يهب واقفا وينحني ليحملها على ذراعيه ويسير بها باتجاه الغرفة متمتما يسترسل مزاحه ومشاكسته 
_ تقريبا الناس كلهم عندهم مشكلة مع اسمي كنت في الحضانة وكانت في مدرسة بتقولي ياتوتي معرفش إيه جاب كرم لتوتي !! .. كرهتني في اسمي يلا بقى ربنا يسامحها
اطلقت شفق ضحكة أنوثية متأججة جلجلت في أرجاء المنزل لتتسع ابتسامته العريضة لأنه نجح في إزالة توترها وخجلها .. ثم دخل الغرفة واغلق الباب لتبدأ ليلتهم الأولى والرومانسية معا .......
التقطت ملاذ هاتفها بعد أن سمعت صوت رنينه واجابت بهدوء 
_ أيوة يازين
اتاها صوته العادي وهو يتمتم 
_ أنا جاي في الطريق ياملاذ اجهزي يلا
_ تمام ياحبيبي أنا جاهزة وكمان بابا وماما عايزين يسلموا عليك
_ أنا خلاص قربت مسافة الطريق بإذن الله
انهت الاتصال معه ونظرت لأمها تقول لها مبتسمة 
_ جاي في الطريق ياماما
_ طيب ياحبيبتي ياجي بالسلامة أنا هروح اقول لابوكي عشان كان مستنيه وعايز يشوفه
أماءت لها بالموافقة وهتفت أحلام مبتسمة بصفاء 
_ يارب بقى الحق اشوفه أنا كمان واسلم عليه
ملاذ بعذوبة ورقة تسألها عن ابنها 
_ لا إن شاء الله هتلحقي هو أيمن قالك جاي في الطريق كمان 
هزت لها بالإيجاب فابتسمت ملاذ ووقفت حتى تغادر إلى حديقة المنزل الصغيرة تنتظر زوجها ولكن بمجرد ما أن وقفت داهمها دوار مفاجيء فوضعت كفها على جبهتها واطرقت رأسها أرضا وثبت أحلام واقفة وامسكت بها تقول بفزع 
_ مالك يابنتي
ملاذ بصوت هاديء بعد أن احست بأنها عادت لطبيعتها 
_ مفيش حاجة ياطنط دوخت بس شوية متقلقيش .. أنا هطلع استني زين برا
ابتعدت عنها وسارت إلى الحديقة ببطء وعادت تشعر بالدوار مرة أخرى ولكنها تحاملت على نفسها وأكملت سيرها ولسوء الحظ أن أيمن وصل أولا ونزل من سيارته فرآها تقف وهي تمسك برأسها ولا تقوي على الاتزان في وقفتها وكأنها على وشك السقوط فهرول ركضا إليها ولحق بها قبل أن يهوي جسدها على الأرض .
في تلك اللحظة تحديدة وصل زين وترجل من السيارة ........
......... 
_ الفصل الثالث والثلاثون _
وقف مندهشا يحدق بذلك الغريب الذي زوجته بين ذراعيه ويحاول افاقتها وهي لم تكن ترتدي نقابها فغليت دماء الڠضب في عروقه وكاد أن يتحول لوحش كاسر ولكن وضعها وهي فاقدة للوعى كان أهم الآن ليقلق حياله فهرول راكضا إليها وجذبها من بين ذراعيه يهز وجهها بلطف هاتفا 
_ ملاذ
حملها واتجه بها إلى داخل المنزل لكي يخفيها عن أعين ذلك الغريب الذي لا يعرفه .. شهقت الأم بزعر عندما رأت ابنتها وهي متغيبة عن الواقع وبين ذراعين زوجها ودلته فورا على غرفتها ليضعها بها فاسرع ودخل وهي كانت خلفه مباشرة .
وضعها على الفراش بحذر وعاد يهز رأسها من جديد يهتف بصوت قوي بعض الشيء 
_ ملاذ .. ملاذ ردي عليا إنتي سمعاني
الټفت أمها من الجهة الأخرى وأخذت تحاول افاقتها أيضا بينما هو فامسك بكوب الماء الذي وجده بجانب الفراش ونثر على وجهها برفق ثم مد ابهامه وسبابته إلى عصبة أنفها العلوية وجعل يفركها بلطف لكي تفيق وبالفعل بعد لحظات قصيرة فتحت عيناها تدريجيا .. سمعت صوت والدتها أولا وهي تقول بفزع 
_ إنتي كويسة ياحبيبتي 
اعتدلت قليلا في نومتها وهمست بصوت ضعيف 
_ كويسة ياماما الحمدلله
تمتم أبيها بقلق واهتمام 
_ قومي يابنتي نوديكي لدكتور يلا
_ لا يابابا
مش مستاهلة أنا كويسة والله متقلقوش
كان زين في وسط كل هذا هادئا بشكل مريب وكأنه ينتظر اللحظة لكي يفرغ كل جموحه .. سمعته يهمس بترقب ونظرات اربكتها 
_ هو إيه اللي حصل معاكي 
تجاهلت نظرته المريبة وقالت ببساطة 
_ أنا كنت طالعة استناك برا ودوخت مرة واحدة معرفش ليه !
هبت الأم واقفة وقالت 
_ أنا هروح اعملك عصير تشربيه عشان تقدري حتى تقفي على رجلك
ولم تنتظر ردها بالرفض أو الموافقة حيث اندفعت إلى الخارج وكذلك أبيها فوجدها تهم بالقيام وهي تهتف 
_ هقوم اقعد مع طنط أحلام برا واسلم على أيمن
كان يحارب بكل ما لديه من هدوء لكي يبقى ساكنا ولا ينفجر بها ونتيجة لكبحه لغضبه ظهرت في عيناه نظرات مرعبة وخرج صوته صلبا وغريبا 
_ متتحركيش من مكانك فاهمة ولا لا .. أنا رايح اقعد شوية مع عمي فراج وبعدين هنمشي ويارب ياملاذ رجلك تعتب برا عتبة الأوضة
انكمشت في نفسها بارتيعاد من ملامحه وطريقته المخيفة وتتساءل بداخلها مالذي اغضبه فقد كان طبيعيا في الهاتف عندما حدثته .. وقف وقال قبل أن ينصرف 
_ ولما نوصل بيتنا هنتكلم عن خروجك برا من غير نقاب
لم يخرج صوتها وبقت ساكنة حتى انصرافه فستعادت اللحظات الأخيرة قبل فقدانها الوعي وتذكرت بأنها رأت أيمن يترجل من سيارته ولا تتذكر شيء بعد ذلك ! .
ضړبت على رأسها لاعنة سذاجتها وتوقعت تماما الذي حدث ولماذا هو يستشيط سخطا بهذا الشكل ولكنها لم تكن تقصد شيء عندما خرجت بدون نقابها كانت تنتظره هو واعتقدت بأنه سيصل أولا !! ...
انتهى عرض الاوبرا وكانوا في طريقهم للمنزل باعتقادها ولكنها وجدت السيارة تقف أمام مكان مرتفع وشبه مظلم وفي الأسفل الماء فنظرت له باستغراب وقالت 
_ إنت جايبنا هنا ليه !
حسن بخفوت 
_ لو ناسية احنا متفقين إننا هنتكلم
_ وهنتكلم هنا يعني !!!
هز رأسه بالإيجاب ثم فتح الباب ونزل ففعلت هي كذلك رأته يتحرك باتجاه الهضبة المرتفعة ويجلس على الأرض فتحركت نحوه ووقفت خلفه هاتفة بمضض 
_ إنت ملقيتش مكان غير ده نتكلم فيه يعني !!
_ أنا حابب يكون مكان هادي وبعيد عن الناس .. اقعدى يلا
قال جملته الأخيرة وهو يشير بيده على الأرض بجواره فتأففت بنفاذ صبر وجلست بجواره تعلق نظرها على الماء أمامها والنسيم البارد يلفح صفحة وجهها ظلوا صامتين لدقائق هي تنتظر منه أن يتحدث وهو لا يعرف بماذا يبدأ فتخترق هي فقاعة الصمت القاټلة وتهمس بثبات دون النظر إليه 
_ غيرت رأيك ليه بخصوص الطفل بعد ماكنت مش عايزه ! .. وعايزة الحقيقة ياحسن طالما إنت عايز نتكلم بيقى هنتكلم بصراحة وعلى المكشوف
غمغم دون تردد وبصدق 
_
 

تم نسخ الرابط